top of page

حسن قطوسة: لم يبق في البيت ظل/ شعر

تاريخ التحديث: ١٣ يناير


الشاعر حسن قطوسة - فلسطين
الشاعر حسن قطوسة - فلسطين

شعــــر: لم يبقَ في البَيْتِ ظلٌ

من قبل أن يبدأَ الطوفانُ جولَتَه

تُضيءُ عتمَ قطارِ اللَّيلِ غزَتُه

ما شكَّ في الحزنِ منذُ البدءِ ثانيةً

فهو اليقينُ الذي تشتدُّ قوَتُه

لم يخلقْ الله ُكالغزيِّ من رَجُلٍ

إذ سيرةُ الوطنِ المسبيَّ وجهَتُه

قالوا : قويٌ يلاقي الجمعَ منفَرِدا

من أينَ جاءتْ بهذا العزمِ جرأتُه ؟!

(إنَّ السلاحَ جميعُ النّاسِ تعرِفُه)

مفتاحُ بيتٍ لنا والباب ُعودَتُه

عيناهُ ترنو إلى حيفا وإن بَعُدتْ

والكرملُ الحر في الأصفادِ قبلَتُه

عمّا قَريبٍ سيلقى كلَّ من رَحَلوا

فالسهلُ والحقلُ والأنهارُ أسرتُه

إن سارَ تتبعه الأشجارُ في فَرَحٍ

وأوقَدتْ قمة َ( الأولمبِ ) شعلَتُه

هو الجنوبيُّ منذُ الله أوجَدَه

تَناسَلتْ في نواحي الأرضِ ثورَتُه

هو الجنوبيُّ كم من مرّةٍ طَرَقتْ

جدرانَ ذاكرةِ الخزانِ قبضَتُه

هو الجنوبيُّ قبطانُ الّذينَ مَضوا

نحوَ البلادِ ولم تغرقْ سَفينَتُه

ربى غزالَ المجازاتِ الّتي سُرِقتْ

والآنَ فوقَ جبالِ القدسِ يفلِتُه

لو غيبوه بقاعِ المنتهى نَهَضتْ

من تحتِ حزنِ ركامِ البيتِ وردَتُه

يصدُّ بالكف وجهَ الريحِ إن زّأَرتْ

لكي تدُارى عن الغربانِ شمعَتُه

وكانَ في بابِ قلبي الغض أغنيةً

فقلتُ ياروحىَ الولهى : سَأنعَتُه

سهوا سَيدخلُ في أوراقِ ذاكرتي

وفوقَ كلِّ نجوم ِالكونِ أنحتُه

كالسندبادِ نجا من هولِ عاصِفةٍ

مثل الأساطيرِ تُروى الآنَ قصَتُه

يجوبُ كلَّ منافي الأرضِ قاطبةً

ما كانَ شكاً وما ذابتْ هَويَتُه

باقٍ كزيتونةٍ لا زالَ يحرُسُها

وما تهونُ على الفلاحِ خُضرَتُه

في زحمةِ الوقتِ والأسماءِ منتَظِرٌ

غدا تطلُّ على الأعياد ِشرَفتُه

غدا يهبُّ بلا صوتٍ لبارجةٍ

غدا تسيرُ إلى الأريافِ زفتُه

غدا تذوبُ به الأمطارُ في صَخَبٍ

وفي عيونِ المها تنمو حَديقَتُه

لكنهم يرجمونَ الشمسَ في صَلَفٍ

لأنّنا للصباحِ الطفلِ جذوَتُه

هذا ابن عميَ في عمرِ الربيعِ وقد

شاخت هناكَ بأرضِ الخوفِ ضحَكتُه

تعوي الصواريخُ في شباكِ لهفَتِه

فتطلقُ الآه َخلفِ السورِ صرخَتُه

لم يبقَ في البيتِ ظلٌ يستَجيرُ به

لم تنجُ من غولةِ ( الفسفورِ ) عشبَتُه

أمٌ تصفُ له الأطباقَ في عَجَلٍ

لكي تعدَ قبُيلَ القصفِ لقَمتُه

أهدى له البحرُ شيئا من طُفولَتِه

فأسرَعتْ في عناقِ الشطِّ موجَتُه

هو المسجى بِلا قبرٍ ولا كَفَنٍ

تَوزَعتْ في البياضِ المحضِ نظرَتُه

وذلكَ الشيخ أدموا روحَه ألَماً

فكيفَ ترجعُ للمريولِ طفلَتُه ؟!

ويوسفُ ( الحلو ) مدمىً تحتَ راجِمةٍ

في مخلَبِ الذئبِ قد ألقاه أخوَتُه

غدا تميلُ له الدنيا وترفَعُه

غدا تُقصُّ على الأحجارِ رؤيتُه


bottom of page