top of page

ركن «على سبيل المعنى» - حوار مع الشاعرة المصرية رضا أحمد، إعداد حامد محضاوي

تاريخ التحديث: ٢٩ يناير


الشاعرة المصرية رضا أحمد
رضا أحمد

حامد محضاوي - تونس
حامد محضاوي

ركن «على سبيل المعنى»

حوار مع الشاعرة المصرية رضا أحمد، إعداد حامد محضاوي

تغزل المعنى بين عزف ونزف ليفيض برؤى الإنسان ما بين متخيّل ومتاح. ترى قصيدة النثر زورقا ديدنه الإبحار لا الاستكانة للرجاء. تجترح من إيماءات الواقع لغة متوثّبة تقارع القالب وتؤسّس لأبعاد متشابكة من أجل مدى جمالي يحتوي المدى، الصدى، والسبيل. إنّها الشاعرة «رضا أحمد» ضيفتنا في هذا الحوار على أكثر من محمل لتنضيج الرؤى.

رضا أحمد شاعرة مصريّة من مواليد القاهرة في [17 مارس 1986]، خرّيجة جامعة حلوان في [2004] بكالوريوس خدمة اجتماعيّة. صدر لها عدد من الدواوين: ديوان "لهم ما ليس لآذار" عن دار نبض للنشر والتوزيع في [2016]. ديوان "قبلات مستعارة" عن جاليري ضي في [2018]. ديوان "أكلنا من شجرته المفضلة" عن دار الأدهم في [2020]. ديوان "الاعتراف خطأ شائع" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب في [2021]. ديوان "سمكة زينة في صحن الخلود" عن الهيئة العامة لقصور الثقافة "سلسلة الفائزون" في [2022].

هذا إلى جانب إصدارات في مجموعات شعريّة مشتركة عربيّة ومترجمة إلى الفرنسية، اليونانية، الانجليزية، الأمازيغية. تحصّلت على جوائز متعدّدة: جائزة عفيفي مطر عن ديوان "قبلات مستعارة" في دورتها الأولى [2017]، جائزة حلمي سالم عن ديوان "أكلنا من شجرته المفضلة" في دورتها الأولى [2020]. الجائزة الأدبية المركزية للهيئة العامة لقصور الثقافة عن ديوان "سمكة زينة في صحن الخلود" في [2021]. جائزة "توليولا - ريناتو فيلبي" الإيطالية العالمية للشعر - الفرع العربي عن ديوان "الاعتراف خطأ شائع" في [2022].

 

- لو كسرنا المتداول التعريفي الشخصي وانطلقنا من التعريف الإبداعي، ماذا تقول رضا أحمد عن مشروعها الشعري بعد خمسة دواوين وجوائز ومشاركات متعدّدة؟

 

أعتقد أنّني كنت موفّقة في محاولاتي الشعريّة، لا أزال أخاف من كتابة الشعر، واعتبره تجربة غيّرت الكثير في حياتي وفي نظرتي للأشياء والأشخاص والأحداث من حولي. كثيرا ما اضبط نفسي أنجو من فخ الانفعالات السريعة إلى لحظات تأمليّة؛ لحظات تستغرق مني وقتا طويلا، يمكن أن ألخص موقفا مررت به في كلمة، ربما هذه الكلمة لا تضيف للأخرين شيئا يعبرون به عالمهم المأزوم، لكنّها تلحق بكلمات أخرى في بالي، تكون مشهدا تصويريّا يعبّر عن رؤيتي ورأيي. قد يكون الشعر جعلني قاسية قليلا، كأن أرعى مخاوفي وانتظر أن تسير في أمان رغم أنّ عيني على يد الجزار الممسكة بالسكين.

بعد كتابة خمسة دواوين من المعتاد أن تجد نفسك، تمتلك أمّة من الكلمات تهتف باسمك كشاعر معتبر، يشار له بالبنان. في حالتي أشعر أنّني طفلة الشعر المدلّلة، مازلت أحبو تجاه الضوء مثل الحوريات التي تعبر بالموتى إلى العالم الآخر.

لا مجد يبقى معك كشاعر، لا جائزة تضيف لك، ولا مشاركة في فاعليّة هامّة، لا شيء أجمل من أن تحب تجربتك، تخلص لها، وتستمتع بها، لا شيء يبقى، مثل الدهشة التي تجعل عيني تلمع تجاه ما أكتبه، مثل اللحظة الأولى التي اكتشفت فيها الشعر، وأنا غير مدركة أنّني خطوت بقدمي إلى عالم سحري ولم أعد منه حتى الآن.

 

- هذه الأنا المتفرّدة نجد تمثّلا لها في مختلف دواوينك عبر محامل متعدّدة، لو انطلقنا من ديوانك الأوّل "لهم ما ليس لأذار" نلاحظ أنّك وضعت أرقاما بدل عناوين النصوص وكأنّ القارئ في حلقات نفسيّة متتابعة إلى جانب كتابتك ما يشبه البيان الشعري لذاتك المخصوصة والجامعة في آن، لو تفسّرين لنا هذا الاشتغال الجمالي الذي اعتمدت عليه؟

ديوان لهم ما ليس لآذار - رضا أحمد

 

في ديواني "لهم ما ليس لآذار" ربّما تجد الأنا ممثّلة في صوت ينطلق من ذوات أخرى تبدو ضعيفة في مظهرها لكنها تمتلك قدرة المثابرة وشجاعة التعبير والظهور. قد تشعر أنّك في متاهة لا نهائيّة من المرايا التي تثير في نفسك بعض الوحشة والغضب أو ترق لها وتتعاطف مع تشظيها وانكماشها المبتعد بها عن الجهات السويّة التي ترضي المجتمع والكود الأخلاقي. أعتقد أنّني أردت لهذا التشظّى أن يورّط المتلقّي في متتالية نفسية لا خلاص منها، لا مفرّ أن تجد نفسك فيها أو بعضا منك، لذلك لم استخدم عناوين للقصائد. أردت أن يمرّ الجميع في هذه المتاهة بلا عوائق ولا حدود، أن يكون صوتي دليلا إلى مسوّدة لا نهائية من الآلام والأسى، ومن القبح النادر العزيز الذى لا تجده في الجمال الدائم والنظرة الأليفة للوجود في ربيع آذار المبهج. شعرت برغبتي في ارتداء أقنعة كثيرة، تستعرض حياة ذوات مهمّشة وشحيحة وغير مقبولة اجتماعيّا؛ ربّما كنت بهذا احتفي بشيء من الشعر وجدته في جماليّة التشوّهات، التي تجعل الوجوه مميّزة ومختلفة ولها جمالها الخاص، جمال يشبه مرور الزمن والأشخاص على الوجوه والخبرة الحياتيّة العنيفة التي مررت بها لتكون ملامحك مختلفة، أو تصوّرتها في رؤيتي لمعنى جمالي للندرة أبحث عنه في الكتابة.

 

- رضا هذا التوظيف النفسي وتفكيك الواقعي عبر المتخيّل الجمالي وجدنا له حضورا في ديوانك الثاني "قبلات مستعارة" من خلال الاعتماد على المفردة اليوميّة المتاحة وتنضيجها تصويريّا ولغويّا، حيث انفتحت في النصوص على مسارات فلسفيّة ووجوديّة وتأويليّة تستوعب الراهن بمختلف تشظّياته واستتباعاته، إلى أي مدى يصحّ هذا القول من منظورك الحالي بعد سنوات من صدور الديوان؟


ديوان قبلات مستعارة - رضا أحمد

 

في "قبلات مستعارة" كانت مغامرتي في إضفاء نوع من التأويل الفلسفي، عبر طرح تساؤلات ورؤى على المتداول من مفردات وتصوّرات جامدة، أعتقد أنّني شعرت بالنضج لأعبّر عن رؤيتي المختلفة للمطروح من وجهات نظر، في نطاق جمالي ومعرفي لا يمس اللغة ولا يبتعد بنا عن أرض الشعر وبنيته وجمالياته. كان عليّ وقتها أن أدع قصائدي في مجرى النهر وأترك لها الحرية في النجاة أو الغرق، كانت محاولة أيضا للابتعاد عن الرأي السائد الذي يقول أن الكتابة النسائية لها لغة ناعمة تبتعد عن عنف الواقع ومشاكله. كان عليّ وقتها أن أضع قدما ثابتة في قصيدة النثر؛ فهذا ديواني الثاني وقد تنازلت من جانبي منذ زمن بعيد عن المفردات ذات البلاغة الزاعقة، بأن أجعل الكلمات رائقة ووديعة لكنها تقتلك ما لم تنتبه. كان هذا الديوان خطوة عبّرت عن تجربتي الشعريّة، الذي لا تجد فيها تطفّل جندري على الصوت الشعري الإنساني، ولا غلظة فلسفيّة تبتعد عن الشعر كفن له جمالياته التعبيريّة وأسئلته المختلفة عن الوجود والزمن. أعتز بهذه التجربة وأرى أنّها كانت قفزة في مشواري مع الكتابة الإبداعيّة، بعدها تمرّست في صنع الفخاخ والشراك، وأن أجعل المتلقّي غير آمن عند قراءة قصائدي. هذا هو الجزء الشيّق في أن يكون لك فلسفة في الكتابة وغاية تختلف عن المتوقّع وتدعو القارئ إلى أرض التأويلات، وما أجمل أن يشاركك الآخر في كشف ثمين عند قراءة قصيدة قد لا تعرف عنه شيئا وأنت كاتبها.

 

- هذا الطرح الجامع للبعد الفلسفي والوجودي أخذ وهجه عبر تمثّل مفاهيم تساؤليّة نافذة، وهذا ما نجد له حضورا بارزا عبر ديوان "أكلنا من شجرته المفضّلة" من خلال اهتمامك بثيمة الموت وعلاقته الجدليّة مع الحياة، ومن خلال اهتمامك بالفناء كمشهديّة تنازعيّة تفاعليّة داخل الذات وفي ارتباطها بالأخر، بصورة موجزة، ما رهان رضا أحمد من خلال مقابلة الضدّيات والثنائيّات الإنسانيّة والمفاهيميّة في نصوصها؟

 

رهاني دائما على الشعر، وبالأخص على الذكاء في التناول والطرح، وهذا ما يجعلنا نقبل الرؤى البعيدة عن السائد والمتداول بين الثنائيات والاضداد، وما ينصف رؤيتي الجماليّة، التي من الممكن أن تجمع بين تناقضات شتى في صورة مبتكرة أو مجاز مدهش، لأنّني أرى أنّ القصيدة شاسعة، تتيح لنا فرص عديدة للتجريب والنظر بعين أخرى إلى مكوّنات الوجود وتفاصيله الصغيرة وجعل التساؤلات طريقتنا في اكتشاف الشعر فيها، ربما لم أكن أتعمّد الجمع بين الحياة والموت في مقابلة ضديّة، أعتقد أنّني في أحايين كثيرة أرى أنّ الموت مرآة للحياة بكلّ صنعتها الودودة وصراعاتها الفاسدة. هذه المرآة هي نظرتي وتصوّراتي عن الموت كحياة أخرى قد تكون في بعد آخر أو جسد جديد أو حتى قفزة زمنيّة للماضي، من المفيد هنا للشاعر أن يجرّب حتى في تنامي المفاهيم داخل رأسه، فرؤيتي اليوم للحياة كجنازة طويلة في هذه القصيدة التي أكتبها قد تنتهي حين أقرّر أنّني فراشة سجينة شرنقتها والموت السماء المنتظرة لتحلّق، المنطق الفلسفي للشعر معقّد جدا من الصعب أن أضبط نفسي مخلصة لوجهة نظر ثابتة أو مفهوم جمالي واحد للوجود.

 

- البحث عن المعنى الإنساني وسبر أغوار البعدين النفسي والاجتماعي ولئن كانا حاضرين في مختلف دواوينك، فإنّه خصّ الأنثى فقط في ديوانك الرابع "الاعتراف خطأ شائع" وأعتقد أنّه فيه جانب ذاتي يعنيك شخصيّا من خلال رؤيتك كأنثى للعالم، ولكن من ناحية أخرى هل تقبلين أن يصنّف كإطار نسوي مغلق، وأنت تكتبين المطلق الإنساني الجمعي؟


ديوان الاعتراف خطأ شائع - رضا أحمد

 

في ديواني "الاعتراف خطأ شائع" اقتربت من نفسي، فيما يشبه السيرة الذاتيّة التي تتّبع حياتي بتفاصيلها الأكثر حميميّة ورؤيتها لمسيرتها وللآخر الذي تشترك معه في مدّ الطريق أو الذي يضع العراقيل ليصير العبور إلى الناحية الآمنة محالا، وعلى عكس المتوقّع في هذه الكتابة التي تبدو الذات الأنثويّة فيها صاحبة الحظوة والملمح الوهاج في التناول والتقصي والطرح، لم ينتمي صوت الشعري فيها لإطار نسوي أو ينطوي تحت راية جندريّة، فالديوان في أغلبه صرخة إنسانية تحيط بالمجتمع من جميع جهاته وتعبّر عن كثير من معاناته ورغباته. لا أرى هنا أنّ الكتابة في الإطار النسوي معيبة أو أقلّ إبداعا،  لكنّي لا أحب التصنيفات في المطلق ولا أكتب تحت مظلات ومظالم اجتماعية، أحب أن يكون نصي معني بالإنسان، يتخلّل كينونته ويصير جزءا أصيلا من همومه الشخصيّة والوجودية، قد يضيف له حاسة يرى بها المعنى الجمالي والفلسفي للوجود أو يسرق منه حاسة تصف الخرائب التي تمرح في خلفيّته المعرفيّة وانحيازاته الجمالية.

 

- في ديوانك الثالث "أكلنا من شجرته المفضّلة" شدّني المقطع: "إلى بطاقة هويتي: رفض المصرفي أن يفتح لي حسابا/ لأني بلا وظيفة وغير متزوجة وأبي لا يملك شيئا/ سأبيعك يوما غابة بنافذتين/ وجماجم تتجاوز كتاب المشيئة في خزانة العائلة، لا زهرة تسير إلى لوحة العذراء/ بفم مرتجف/ لتتناول اسمها التقي من مجزرة بشرية، وحين تأتي مناوبتي خلف الكواليس؛ سأتوج هذه الزنزانة/ بغزالة تتسكع في ابتسامتها الوحشية وتكتب قصيدة نثر."

هل يمكن القول أنّ الذاتي بتنوّع مكوّناته هو المؤسّس لاختيارك قصيدة النثر؟

ديوان أكلنا من شجرته المفضلة - رضا أحمد

 

هذا المقطع كان مدخلا للديوان، أشعر أنّني أنتمي لقصيدة النثر، الأمر معي ليس خيارا، لأنّني أرى أنّ هذه القصيدة تعبّر عنّي وعن زمني الحاضر في تطورّه وغلوّه وتطرّفه. ربّما أكون بهذا الانتماء قد تخلّيت عن المثالية والموضوعيّة التي كان يجب أن يكون عليها الشاعر التقليدي، فأنا أميل في كتاباتي للتحيز  إلى تفاصيل الضعف والخوف الكامنة فيّ ومشاركتها مع الآخرين، هذه التفاصيل التي من الممكن أن تصادفها أثناء سيرك في الشارع أو في جيوبك الخاوية أمام فاترينة مليئة بما تحب، هذه القصيدة تشبهني أيضا في تمرّدها وتحرّرها من كلّ القيود بجانب صراحتها الشديدة في الإصغاء إلى الواقع بضعفه وانهزاميّته وفوضويّته واسئلته البسيطة والمأزومة بالوجود والعالم.

 

- لو تحدّدين لنا ألوانك الخاصّة التي قدّمتها لقصيدة النثر عموما، وما رأيك حول قصيدة النثر الآن من خلال الأسماء التي تكتب في هذا الشكل؟

 

أعتقد أنّ كلّ قصيدة كتبتها، قصيدة تخصّني، وكذلك كلّ قصيدة يكتبها كل شاعر هي قصيدته، وتكون شكلا جديدا لقصيدة النثر -في حال جودتها وأصالتها-، لا أنشغل كثيرا بما أضيف للشعر، أو بماذا أضاف الآخرون له، بقدر ما أحاول أن أترك أثرا منّي؛  فقصيدة النثر لها جمالياتها وبنيتها وأسئلتها التي تتمرّد على الشكل النموذجي للقصيدة التقليديّة أو بما يقال عنه وصفات وقوالب اخترعها أحدهم لكتابة الشعر، وبما أنك تسأل عن الإضافة التي ساهمت بها، أعتقد أنّني أضفت رضا أحمد لقصيدة النثر بأسلوبها وقاموسها اللغوي ومجازها في الكتابة الذي أتمنّى أن يكون أصيلا ومختلفا. قصيدة النثر الآن كما كلّ أنواع الكتابة تواجه سيولة جارفة أخشى تغطي في طريقها على كل جميل، قد تكون هذه السيولة أمرا صحيّا في حال صحبها في مرحلة تالية النضج النوعي في التمرّس والتجريب والابتعاد عن الخفة والكتابة ضمن وصفات جاهزة تستبدل فيها بعض الجمل والكلمات فتشعر أنّك قرأت هذه القصائد من قبل.

 

- يعتبر «بيرس بيش شيلي» أنّ الشعر آلية للتغيير الثقافي وللتأثير في القيم والمعايير الاجتماعية، وبعده ذهب الشاعر الإنجليزي «تي إس إليوت» إلى أنّ وظيفة الشعر تختلف باختلاف العصر. أين تقف رضا من خلال الرؤيتين وما هو تعريفك الشخصي لوظيفة الشعر في وقتنا الراهن؟

 

أرى أنّ وظيفة الشعر جمالية بالضرورة، متعة خالصة بلا منفعة إلا التي نكتسبها من الدخول إلى حالة فنيّة وإبداعيّة، وأعتقد أنّ هذا الرأي يخصّ ذائقتي في التلقّي والكتابة أيضا، ربّما يبحث الآخرون عن وظيفة أخلاقيّة للشعر ويرغبون فعلا في تغيير العالم عن طريق قصيدة، هذا الأمر لم يكن له علاقة بالواقع -ليس في زمننا هذا على الأقل- بل له علاقة بالنزعات العاطفية للشعراء، الذين يتحرًون الخطابة كطريقة أسلوبيّة في التعبير ويردون بها تحريك الجبال وليس رؤوس البشر، التغيير الحقيقي يكون بالتراكم الواعي المعرفي والجمالي، والشعر فن دوره الفعلي الاشتباك مع الواقع وفتح آفاق جمالية لرؤيته وتعريته من القبح والزيف.

 

- كيف ترى رضا الساحة النقديّة الشعريّة العربيّة؛ هل هي متجدّدة واعية بمتغيّر الجمالي أم محافظة على إجرائيّة ثابتة تنطلق من القديم لتعود إليه؟

 

أعتقد أنّ الحركة النقديّة بطيئة في استيعاب الجديد الشعري والتنظير له، وغائبة أكاديميّا عن اللّحاق بتطوّر القصيدة، إلا من بعض الأقلام الجادّة والمنهجيّة، تكاد تخلو الساحة النقديّة من متابعة دؤوبة للإصدارات الحديثة مقابل الكتابة الصحفيّة عنها التي انتشرت في الفترة الاخيرة. هناك أزمة نقديّة أيضا في تلقي قصيدة النثر، فمازال البعض لا يعترف بها ويحارب وجودها ويشكّك في الغاية من كتابتها ويتربّص بشعرائها، الأمر الذي كثيرا ما يعيدنا إلى مناقشات هزلية حول تعريف القصيدة، ويصاحبه مبرّرات تمهيديّة في بداية القراءة النقديّة تسرد تاريخ قصيدة النثر وهذا من المحال أن تجده عند الكتابة عن القصائد التقليديّة.

 

- أترك لك كلمة الختام

 

يكفيني من العالم الشعر، ويكفيني من الشعر، إنّه ليس عليّ أن أنام وأنا أحتضن ألمي ورفاتي وحدي، في حين إنّه بإمكاني مشاركة الآخرين في شيء يستحقّ النظر، أرى أن معجزة الشعر تكمن في تجميل الألم حتى أنّني جعلت كلّ قارئ يشتهيه.

 

 




 

 

bottom of page