top of page

أحمد الصويري: أرصفة / شعر

تاريخ التحديث: ١٧ يناير


الشاعر أحمد الصويري - سوريا
الشاعر أحمد الصويري - سوريا

شعر: أرصفـــــــــــة

كبرنا..

كما ينبغي لصِغارِ الحكاياتِ

حينَ يزفّونَها فوقَ ظهرِ النّميمةِ

أو تتردّدُ

في جلساتِ النّساءْ

كبرنا على غُربتَينا..

كبرنا كثيرا

ولكنّ صوتاً بعيداً ينادي..

يقولُ لدمعتِنا

إنّ طفلاً وحيداً سيركضُ خلفَ الحكاياتِ

لكنّهُ..

ما يزالُ صغيرا

كبرنا..

كفَرخَينِ في آخرِ السّربِ

تكسرُ روحَيهما عاصفةْ

ترَكْنا فُتاتَ المواعيدِ للأرصفةْ

وما أوجعَتْنا البنادقُ لكنْ

بكَينا حنيناً إلى الأرغفةْ

نُرفرفُ ضدَّ الرّياحِ وضدَّ الضّياعِ

وضدَّ الزّمَنْ

ونسألُ عن حيِّنا أو مدينتِنا في زحامِ الحروبِ

فقَد شاخَتِ الآنَ كلُّ الدّروبِ

وكُلُّ الذّنوبِ

وكُلُّ المِحَنْ

دقَقنا الشبابيكَ حينَ تعِبْنا

ولم يتعرّفْ علينا أحدْ

مشَينا مع النّاسِ حيثُ يريدونَ

سِرْنا بعيداً

ولكنّنا كُلّما لاحَ طيفٌ وقُلنا: وصَلْنا

نراهُ ابْتعَدْ

ترَكْنا خِيامَ الأقاويلِ خلفَ خُطانا

أضَعْنا شوارِعَنا في الضّبابْ

صبَغْنا لِحى الأغنياتِ القديمةِ

كي لا يُقالَ البلادُ خرابْ

ولكنَّ هذي البلادَ خَرابْ

على غفلةٍ كانَ هذا الغيابُ يقولُ:

كبرنا على كلِّ هذا العذابْ

كبرنا..

وحينَ تأخّرَ وجهُ الصّباحِ

دعَوناهُ أن يتجلّى

مشَينا..

رأينا على الأفقِ وجهَ الحياةِ

فقُلنا استجابْ

مشَينا..

وكان يطولُ الطّريقْ

على قدْرِ ما أنهكَتْنا خُطانا

عرَفنا بأنّ الصّباحَ بعيدٌ

وأنّ الحياةَ سرابْ

حلمنا..

بأنّ البلادَ سترجعُ يوماً

وأنّ الحدودَ تذوبْ

وأنّ العصافيرَ تكسرُ أقفاصَها

وتموتُ الحروبْ

حلمْنا بأبنائنا يملأونَ الشّوارعَ

ورداً وعطراً

ومن كُلِّ ما تشتهيهِ القلوبْ

وأنّا حمَلْنا بأعناقنا

ما تأخّرَ من كُلّ تلكَ الذّنوبْ

وقد لا نتوبْ

كبرنا على العمرِ..

ضاق قميصُ الحياةِ كثيرا

تعِبنا من الدّربِ

والرُّعبِ

والصّعبِ

والرّبِّ

لم يبقَ بابٌ على الأرضِ أو في السّماءِ

دقَقناهُ

إلّا وكانَ علَينا صغيرا

كبرنا..

وهذي الحياةُ تلاعبُنا

لُعبةَ القطِّ والفأرِ منذُ خُلِقنا

ومِتنا..

وها أنتِ تختبئينَ قليلا

وأعرفُ أنّكِ حينَ أموتُ..

ستأتينَ كي تقرئي ما نسيتُ من النّصِّ

ليسَ رثاءً..

ولكنّ دربَ القصائدِ ما بينَنا

ما يزالُ طويلا

תגובות


bottom of page